تميل معظم الدراسات التي تتناول نشاط الفاعلين الدينيين الشيعة إلى تصنيفهم إلى مسيسين وغير مسيسين، أو إصلاحيين وتقليديين، وغالبًا ما أدّت هذه الثنائية إلى تجاهل الأشكال المختلفة من هذا النشاط والطيف الواسع الذي يجسده، والذي قد تندرج فيه غالبية هؤلاء الفاعلين. تحاول هذه الدراسة أن تعيد الاعتبار إلى أهمية ممارسة النشاط الديني وعلاقته بالمتغيرات الاجتما-سياسية في تشكيل حركة الفاعلين الدينيين، مركّزةً على نموذجَي محمد الصدر وعلي السيستاني، اللذين تصدّيا للمرجعية في وقت متقارب زمنيًا. وتجادل الدراسة بأنه في حين طوّر الصدر ممارسته عبر المزج بين الديني والحركية الاجتماعية المتلونة بمشروع الأسلمة المجتمعية، فإن السيستاني اتجه إلى الفصل بين الممارسة السياسية والممارسة الدينية، ولم يؤطر حضوره في المجال العام بقالب أيديولوجي محدد.