قدّمت النظرية الماركنتيلية نفسها نموذجًا صريحًا للقومية الاقتصادية، وذلك بوصفها مدافعةً عن حتمية تدخّل الدولة في الاقتصاد بهدف الوصول إلى الموارد والأسواق لضمان قوة الدولة. ومنذ التطبيقات المتقدّمة للمذهب التجاري الأول إلى النيوماركنتيلية ثم الاقتصاد الموجه والحمائية الجديدة، استطاعت نزعة القومية الاقتصادية أنْ تصمد بوصفها نظرية ترى أنّ النشاطات الاقتصادية يجب أن تخضع لتعظيم قوة الدولة. تهدف هذه الدراسة إلى شرح القومية الاقتصادية وتتبع تطوّر تطبيقاتها، وتسعى أساسًا لتحليل مدى قدرتها من حيث هي فلسفة قومية على الاستمرار في ظلّ العولمة الاقتصادية التي تهدّد بالانتهاء الفعلي لمرحلة الدولة التدخلية في سياق نظام اقتصادي غير مقيد بالحدود القومية. وفي حين تدحض الدراسة فرضية أنّ العولمة وانتهاء القومية وجهان لعملة واحدة، فإنّها تؤكّد أنّ الاقتصادات الوطنية لا تزال تحرّكها نزعة القومية الاقتصادية بأشكال جديدة متنكّرة رغم خطاب الليبرالية الاقتصادية السائد.