ظهرت في الفترة الأخيرة في تونس، قُبيل الثورة وبُعَيْدَها، روايات كثيرة تناولت مختلف التحوّلات
الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، اختار منها هذا البحث أربع روايات لها علاقة مباشرة بموضوعة
التحوّل بمختلف وجوهه. واعتمدها لاستجلاء صورة تردّي الأوضاع السياسيّة في البلاد وما
انجرّ عنه من أزمات اجتماعية واقتصادية. ويتمثّل الإشكال المطروح يتمثّل في المفارقة بين رفض
نظريّة الانعكاس وضرورة رسم لوحة عامّة عن التحوّلات التي مهّدت لاندلاع ثورة الكرامة
والحرّية. وهو إشكال منهجي حقيقي رأى البحث أن نحلّه باعتماد منهج البنيويّة التوليديّة الذي
استحدثه لوسيان غولدمان معوّلًا على من سبقه من منظري الرواية مثل جورج لوكاتش في الربط
بين بنية الرواية والظروف الاقتصادية والاجتماعية المولّدة لها. وبذلك تعوّض جدليةُ البُنى وما ينتج
عنها عن نظرية الانعكاس وما نتج عنها من تهميش للفنّ الروائي وحَ النصوص الروائية في
دائرة ضيّقة لا تتجاوز الوظيفة التأريخية للواقع.
لقد وفّر هذا المنهج أدوات إجرائية أفضت إلى نتائج هامّة تتعلّق خاصة بوجود علاقة جدلية بين
تفكّك المجتمع نتيجة ممارسة السلطة للاستبداد السياسي وبين تشظّي الزمن الروائي وعدول
الرواة عن مساره الأفقي إلى بناء مختلف لا يخضع إلى التسلسل بقدر ما يخضع إلى مقتضيات العمل
ال دّرسي والخطاب الروائي. وقد أفضى البحث أيضًا إلى وجود علاقة جدلية بين تعدّد الفئات
الاجتماعية واختلافها وتنوّع السج تّال اللغوية والأجناس الأدبية داخل العمل الروائي الواحد.
إ أن أهمّ النتائج يتمثّل في إثبات مساهمة الأدب عمومًا والرواية خصوصًا في تغيير الأوضاع
والتمرّد على تردّي الواقع عبر وعي الكتّاب بالراهن واستشرافهم للمستقبل.