ترجع أهمية هذه الورقة إلى تحليل مراحل كتابة تاريخ مصر العثمانية والتناقضات التي شكّلت تلك الكتابات. فقد تشكلت رؤية الجيل الأول من المؤرخين الأكاديميين المصريين عن تاريخ مصر العثمانية من خلال كتابات المستشرقين، وأسهم ذلك في تكون رؤية سلبية عن تاريخ هذه الفترة؛ نتيجةً للواقع السياسي الذي مرّت به العلاقات بين الدولة العثمانية والقوي الأوربية، إضافةً إلى عدم اعتماد هذه الدراسات على الأرشيف اعتمادًا كبيرًا خلال هذه المرحلة، وهو ما عرقل تشكّل رؤية حقيقية للواقع الذي كانت عليه ولاية مصر العثمانية، غير أنّ حقبة التسعينيات شهدت متغيرات للواقع الفعلي للدراسات العثمانية؛ إذ ظهرت العديد من الدراسات الأجنبية والعربية التي اعتمدت كثيرًا على الأرشيف العثماني والأرشيف المحلي في مصر. تسعي هذه الورقة لتحليل رؤية هذه التيارات المتعددة في كتابة تاريخ مصر العثمانية، وأثرها في تبلور وظهور نخبة جديدة في التسعينيات، ممثلةً في ظهور سيمنار القاهرة للدراسات العثمانية، ذلك السيمنار الذي تبنّته الجمعية المصرية للدراسات التاريخية تحت إشراف رؤوف عباس ونيللي حنا. وقد أثر ذلك في إنتاج دراسات جديدة متعلقة بهذه الحقبة من تاريخ مصر، وفي إعداد جيل جديد من المؤرخين بإتاحة نافذة فكرية جديدة لهم للنقاش الحر حول تاريخ تلك الحقبة العثمانية من تاريخ مصر.