سادت مقولة أصبحت ثابتة في أذهان أجيال عديدة بأنّ اكتشاف البرتغاليين طريق رأس الرجاء الصالح، أدّى إلى انهيار الاقتصاد العربي والمصري إبان العصر العثماني، وأنّ ذلك أدّى إلى انهيار الطبقة التجارية الوسطى وأهمّ شرائحها، وهم التجار الكارمية العاملون في تجارة التوابل عبر البحر الأحمر. غير أنّ هذه الدراسة تناقض هذه الفكرة تمامًا؛ فتؤكّد أنّ أثر وصول البرتغاليين إلى طريق رأس الرجاء الصالح لم يكن طويلًا، فقد أخذ التجار العاملون في تجارة البحر الأحمر في العمل على استعادة هذه التجارة المربحة. وقد ساعدهم على ذلك العديد من العوامل التي ساعدت على عودة تجارة التوابل للوصول إلى أوروبا عبر طريق البحر الأحمر، وعاد التجار الكارمية إلى الظهور في المصادر والوثائق الرسمية؛ إذ قاموا بدور كبير في الاقتصاد المصري خلال هذه الفترة التاريخية. غير أنّ عام 1040ه/1630م وما يليه شهد تحوّلًا كبيرًا في مواد التجارة الدولية، فقد حلّ البن اليمني محلّ التوابل بوصفه أهمّ سلعة منقولة عبر البحر الأحمر. وحلّت الأقمشة القطنية المنقوشة محلّ التوابل بوصفها أهمّ سلعة متبادلة مع الهند، بينما تراجع دور التوابل في حركة التجارة عبر البحر الأحمر من المرتبة الأولى إلى المرتبة الثالثة. ومع هذا التراجع اختفى مسمّى التجار الكارمية.