تحتل المذهبية مساحة واسعة في النقاشات السياسية والدينية في منطقة المشرق العربي منذ أوائل عقد الثمانينيات من القرن العشرين، بعد حدوث الثورة الإسلامية في إيران. ومع تطور الأحداث السياسية، توسعت المساحات التي يشغلها النقاش المذهبي، بما في ذلك استحضار التاريخ في محاولة لتأكيد أن للمذهبية في منطقة المشرق ماضيًا طوي ومرتبطًا على نحو أساسي بالعلاقة بين الدولة العثمانية التي كانت تسيطر على المشرق العربي والدول الصفوية التي كانت تسيطر على إيران.
يسعى هذا البحث إلى دراسة تأثير الاختلاف المذهبي في العلاقة بين الدولة الصفوية والدولة العثمانية، فيركز على سلوك الدولتين بعضهما تجاه بعض، والنحو الذي تطورت فيه علاقاتهما، وهل تأسست الخصومة أو العداوة على أساس التباين المذهبي أم أن هناك عوامل أخرى كانت تتفاعل، كالبُعد القومي والتنافس على الجغرافي.