تؤسس الأطروحة التي تتمحور حولها هذه الدراسة على مراجعة سؤال المنهج التاريخي من خلال فرضيتين؛ أولاهما فحص مدى صحة التفكير في ماضي الإنسان كـ"حيوان رامز" ومنتج لتاريخ علاماتي - إشاراتي لا يقرأ باللغة المتداولة، إنما يفهم بالعلامة والإشارة، ويبوح بما تختزنه الذاكرة البشرية من مشاعر وعقليات متوارية، أما ثانيتهما فهي محاولة جسّ نبض فكرة إشراك القارئ/ المؤرخ في إعادة إنتاج النص التاريخي عبر إقامة حوار معه، ومع ظرفية إنتاجه، بغية إعادة بنائه بناءً جديدًا، وهو ما يمكن إنجازه من خلال توظيف منهج التأويل الرمزي. لاختبار صحة الفرضيتين، قُسّمت الدراسة إلى ثلاثة مباحث نظرية وتطبيقية، خُصّص الأول لتفسير مآزق المناهج الوضعانية والتاريخانية وانسدادها. في المبحث الثاني، تناولنا منهج التأويل الرمزي، فبينّا أنه يقوم على مرتكزين جوهريين: فهم النصّ المرموز وتفهّمه، ثم ربط آليات الفهم بالموروث الثقافي، وبمفاهيم الحاضر. خُصص المبحث الثالث لتطبيق منهج التأويل الرمزي على طقوس احتفالات البيعة في تاريخ المغرب الراهن، وتحليلها؛ لا كمشهد فرجوي، بل كنصّ غير مكتوب، وكنمط من أنماط الفعل الرمزي. إذ تستخدم الدراسة هنا مقولة "التاريخ الفعال" لغادامير لإظهار معنى العلامات المستمدة من ماضي المغرب وحاضره، وكذلك هويته الإنسانية.