صدر عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات كتاب الأمن القومي العربي وتحديات الأمن الإقليمي، ويحتوي على إحدى عشرة دراسة تتمحور جميعها حول موضوع الأمن القومي العربي، لاثني عشر باحثًا وباحثة عربًا في اختصاصات العلوم السياسية والإدارية، الحضارة الإسلامية، العلاقات الدولية، الفكر السياسي الإسلامي، السياسة الخارجية الأميركية، الشؤون الخليجية الاستراتيجية، الشؤون العسكرية، أمن الخليج، الاقتصاد المعرفي في الخليج العربي، الدراسات المستقبلية الاستراتيجية، قضايا القومية العربية، وشؤون الجريمة السيبرانية. حرّر الكتاب مروان قبلان، وهو يقع في 432 صفحة، شاملةً ببليوغرافيا وفهرسًا عامًّا.
تكامَلَ مفهوم "الأمن القومي العربي" مع التهديد الذي مثّله إنشاء دولة إسرائيل (1948 (على أمن العرب قاطبة وإن تعددت الكيانات التي تمثلهم، وذلك انطلاقًا من فكرة أنّهم "أمّة" أمنها واحد والتهديدات التي تواجهها واحدة، ومن ثم مصيرها واحد. وفي الطريق إلى هذا التكامل ساد بين النخب والأحزاب والتيارات العربية بعد سقوط الدولة العثمانية (مثل "عصبة العمل القومي" و"البعث" و"حركة القوميين العرب" ... وغيرها)، وبخاصة في المشرق العربي، طموحٌ إلى إنشاء دولة عربية كبرى موحدة، ثم أفكارٌ قومية داعية إلى تحرر العرب من الاستعمار، ساهمت جميعًا في تعزيز حضور مفهوم "الأمن القومي"، وبالأخص عند تأسيس جامعة الدول العربية عام 1945، لتأتي حرب فلسطين إثر احتلالها منعطفًا فعليًّا في تكريس المفهوم على أرض الواقع، وترجمته في المجهود الحربي العربي ضد إسرائيل وتشارُك الشعور بنشوة النصر ومرارة الهزيمة في حروب خمس مع الكيان الغاصب (1948 و1956 و1967 و1973 و1982).
مأسسة "الأمن القومي العربي"
وباعتبار مفهوم "الأمن القومي العربي" جماعيًّا، كان لا بد من مؤسسة تتعهده، ولذلك جرت مأسسته بتوقيع "معاهدة الدفاع المشترك والتعاون الاقتصادي" في إطار جامعة الدول العربية عام 1950، وهي معاهدة نظرت إليه باعتباره فوق القُطريات، التي تُعدّ صناعةً استعمارية، وباعتباره أمنًا "وطنيًّا" لا "قوميًّا"؛ إذ إن شعب أي دولة عربية ليس "أمّةً" بمفرده، وحتى الدول العربية لا تمثّل منفردة "دولة-أمة" بل جزءًا من أمّة أكبر تتشارك معها المصير.
ولـ "الأمن القومي" فهمٌ آخر لدى بعض الباحثين أقرب إلى مفهوم الأمن الإقليمي، انطلاقًا من أن الإقليم "فرع من النظام الدولي، ومجموعة دول ذات خصائص تميزها عن غيرها في منطقة جغرافية واحدة"، وبهذا فإنه يتموضع بين "النظام الدولي" ووحدتِه "الدولة"، التي تُبلوِر سلوكَها الأمني التهديداتُ التي تتعرض لها والتي قد تتجاوز أحيانًا حدودها الوطنية. وبناءً عليه، يقع الأمن الإقليمي في المنطقة العربية في إشكالية مركّبة تتمثّل من جهةٍ في عجز التفاهمات الإقليمية لدول المنطقة عن إنشاء منظومات إقليمية تتصدى للأمن المتفلّت العابر للحدود، كاتحاد المغرب العربي، ومجلس التعاون لدول الخليج العربية، الذي لا تزال التحديات الأمنية الذي أُنشئ بسببها قائمة.
الغرب و"الأمن الإقليمي العربي"
يتجاهل الغربُ الحديثَ عن أمنٍ إقليمي عربي، ويجعل المنطقة العربية جزءًا من إقليم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا مع دول غير عربية تنطلق منها جلّ التهديدات التي تواجه الأمن القومي العربي، وهو أمر مرفوض، ومع ذلك لا بد من الإشارة إلى اختلاف المخاطر والتهديدات الأمنية في أقاليم المنطقة العربية (المشرق العربي، المغرب العربي، القرن الأفريقي ووادي النيل، والخليج العربي) بعضها عن بعض، مثل صراع الصحراء الغربية، والحرب الأهلية الليبية، وتهديدات الجماعات المسلحة في المغرب العربي، والصراع مع إسرائيل، وصراع الدول الكبرى والإقليمية (روسيا- الولايات المتحدة الأميركية- تركيا- إيران) في الحرب الأهلية السورية، والنزاع الحدودي "المصري-السوداني"، ونزاع "السودان - جنوب السودان"، والنزاع (التقارب) "الإثيوبي-الإريتري"، والصراع في الصومال، ونشاط الجماعات المتشددة من سيناء إلى الصومال، والقرصنة في خليج عدن وبحر العرب، وحرب اليمن في القرن الأفريقي ووادي النيل ... وغير ذلك.
تمثل منطقة الخليج العربية إقليمًا أمنيًّا بخصائص متميزّة؛ فالأزمة السياسية والأمنية في العراق منذ غزو الولايات المتحدة عام 2003، وتغلغل النفوذ الإيراني في مفاصله، وإثارة الميليشيات التي ترعاها إيران وتنظيم الدولة الإسلامية المخاطر والتهديدات، والشرخ الحاصل في الصف الخليجي بسبب أزمة حصار قطر (2017-2021)، وتهديد حرب اليمن الأمن الوطني السعودي والخليجي عمومًا، وحتى الإقليمي، في ظل التنافس السعودي- الإيراني واستعاره بعد انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي مع إيران وزيادة وجودها العسكري في المنطقة، كل ذلك يشكل عوامل داخلية ضاغطة على الأمن القومي العربي، في مقابل عوامل خارجية تمثلها اختراقات هنا وهناك تركية وإسرائيلية وروسية وأميركية وبريطانية وأوروبية تتحكم في ديناميات الأمن العربي، وفي صفقات التسلّح، كما تتحكم بالتهديدات والانقسامات الداخلية، وصمود الدول العربية التي يرتع النفوذ الإيراني فيها، أو انهيارها وقيام حكم الميليشيات على أنقاضها.
نكسات الأمن القومي العربي
وقد تعرّض الأمن القومي العربي لنكسات كبرى بدأت مع اتفاقية السلام المصرية المنفردة مع إسرائيل في كامب ديفيد عام 1979، والتي حصرت مصر بموجبها صراعها مع إسرائيل باستعادة أرضها فقط دون القضية الفلسطينية وبقية الأراضي المحتلة، ومن ثم فقد أخرجت نفسها من ميزان القوى العربي - الإسرائيلي. وكانت النكسة الكبرى الثانية مع وقوف سورية وليبيا مع إيران في حرب السنوات الثماني مع العراق (1980-1988) وتزويدهما الطرف غير العربي بصواريخ قصفت مدنًا عربية. والنكسة الثالثة، والتي كانت قاصمة للأمن القومي العربي، تمثلت في الغزو العراقي للكويت عام 1990 واستقدام قمة القاهرة (1990) قوى أجنبية حاربت لاستعادة الكويت، وكذلك بمشاركة قوات عربية.
ثم كرّت سبّحة تقطيع أوصال الأمن القومي العربي بعد مؤتمر مدريد للسلام في عام 1991، فدخلت صاحبة القضية الأساس، منظمة التحرير الفلسطينية، في اتفاق سلام منفرد مع إسرائيل في أوسلو (1993)، ثم تبعها الأردن بتوقيع اتفاق وادي عربة (1994)، وصولًا إلى ما سُمي "الاتفاقات الإبراهيمية"، وهي اتفاقات التطبيع مع إسرائيل التي قامت بها الإمارات العربية المتحدة والبحرين والمغرب والسودان بصرف النظر عن استمرار احتلالها أراضيَ عربية، بل وصل الأمر ببعضها إلى حدّ إنشاء تعاون أمني وعسكري مع إسرائيل وتحويل صفة "العدو الرئيس" منها إلى إيران.
وعلى الرغم من كل النكسات السابقة والتي قد تلحق بها، يبقى الأمن القومي العربي ضرورة تاريخية وجغرافية وسياسية لا بديل منها، فمصالح الأمة العربية حيوية ومشتركة، والتحديات "الوجودية" التي تواجه أكثر الدول العربية على أكثر من صعيد كانت، ولا تزال، وستبقى على الدوام رابضة تتربص للانقضاض إن لم تواجَه بموقف عربي صلب يعيد للأمة "أمنها" ومكانتها بين الأمم.
يعالج مروان قبلان في الفصل الأول من كتاب الأمن القومي العربي وتحديات الأمن الإقليمي تحولات الأمن القومي العربي بوصفه أحد تجليات النهوض القومي العربي، مرورًا بمأسسته في صيغة عمل عربي موحَّد مع توقيع "معاهدة الدفاع المشترك ضد إسرائيل"، وصولًا إلى انحدار مفهوم الأمن القومي العربي مع صعود المصالح القُطرية وانقسام الرؤى حول الصراع مع إسرائيل والعلاقة مع إيران، ثم انهياره مع الغزو العراقي للكويت، وتراجع الحضور العربي في القضية الفلسطينية، والغزو الأميركي للعراق، وثورات الربيع العربي. ويرى قبلان وجوب تكثيف الجهود لبلورة رؤية جديدة للأمن القومي العربي، باعتباره ضرورة تاريخية يؤدي التخلي عنها إلى الإضرار بالأمن الوطني لكل دولة عربية.
ويناقش محمد خميس في الفصل الثاني الأزمةَ البنيوية التي تعانيها جامعة الدول العربية في مأسسة الأمن القومي العربي، مُرجِعًا السبب إلى خيار المقاربة التوفيقية بين مطلب الهوية الجامعة والنزعة القُطرية للدول العربية بعد الاستعمار، التي ظهرت في البناء المؤسسي للجامعة وفي الأنماط السلوكية لكل دولة عربية. ويعرض الفصل للفكرة القومية كما نشأت في سياقاتها الأوروبية ولتجلياتها في السياق العربي، كما يتناول إشكالية مأسسة جامعة الدول العربية حول مفهوم القومية العربية، ويضع تجربة الجامعة تحت منظار نظريات العلاقات الدولية بوصفها أطرًا تساعد في إعادة طرح أسئلة حول التجربة العربية في الوحدة وبناء الهوية والمأسسة الدولية.
في الفصل الثالث، يركز سيد أحمد قوجيلي على تفسير التعارض النظري بين نظرية تكميل كل من الأمن القومي والأمن المجتمعي والأمن الإنساني نظيرَيه وبين الواقع العربي، ويقترح إطارًا نظريًّا يدعوه "الكفاءة الأمنية" لإنجاز المستوى الأعلى الممكن من الأمن بالمقدار الأقل من التكاليف، ويرى أنّها كفاءة تؤمَّن بضمان فاعلية الأجهزة الأمنية العربية في حماية النظام أولًا، وضمان قدرة الأخير على حماية "التحالف" الذي يدعمه ثانيًا، وضمان حماية "المصالح" لكل من هذه الأطراف، ثالثًا. كما يقدم قوجيلي أدلة من بلدان عربية أفادت بأنّ أمن الدولة العربية ليس بالضرورة امتدادًا لأمن مواطنيها، كما أنّ أمن المواطنين ليس امتدادًا لأمنها.
ويحاول كاظم هاشم نعمة في الفصل الرابع إثبات أن التطورات الدولية والإقليمية في الشرق الأوسط بعد الحرب الباردة، كالثورة الإيرانية والحرب العراقية - الإيرانية وحرب الخليج الثانية (1990-1991) ساهمت في بروز نزعة نحو الأمن الإقليمي الفرعي شكلت تحديات جليّة وأدت إلى تأسيس مجلس التعاون (1981) واتحاد المغرب العربي (1989)، موضحًا أن هذه المجالس، وبصرف النظر عما ورد في ديباجاتها من دعوات إلى الوحدة والتكامل والأمن الجماعي، جزّأت الأمن القومي العربي، وغيّرت مصدر التهديد وبؤرته وأولويته، وحوّلته من القومية إلى القُطرية وشبه الإقليمية، ما رتّب عجزًا في تطوير استراتيجية لصدّ التهديدات الأمنية التي تشمل البلدان العربية.
أما عبد الله الغيلاني، فيقسّم في الفصل الخامس المخاطر الأمنية التي تواجهها دول الخليج العربية وفقًا لمستويين: أولهما الانكشاف الأمني واحتمالات تهديده استقرار منطقة الخليج وجوارها، وثانيهما التحديات الجيوسياسية المشتركة للدول الخليجية خلال انتقالها من دولة الرفاه الريعية إلى دولة الحداثة، الذي يرتب استحقاقات سياسية وتحولات في أنماط التفكير السياسي وإدارة المجتمع، وهي برأيه تحديات أكبر وأبعد أثرًا من المخاطر الأمنية التي ظلت دول الخليج العربية تواجهها على الدوام منذ نشوئها، وكذلك المخاطر السياسية التي لطالما مثّلت تحدّيًا للأنظمة القائمة. ويشدد الغيلاني على أنه ما لم يحصل تطور نوعي في أنماط التفكير الاستراتيجي الرسمي، فإن المنطقة ستتّجه إلى مزيد من التصدع الداخلي والوهن الأمني، وأن هذه المعضلة إذا استحكمت حلقاتها فستفضي قطعًا إلى انهيارات كبرى.
يتناول محمد صالح المسفر في الفصل السادس مدى تأثير التهديدات التي تواجه مجلس التعاون في المستقبل. وإثر استعراضه موقع الخليج وأهميته التاريخية والمعاصرة، يرى المسفر أن أهميته ازدادت أضعافًا مضاعفة إثر اكتشافات النفط فيه. ويعالج الفصل التحديات الدولية والإقليمية والداخلية التي لمّا تزل دول مجلس التعاون تواجهها منذ تأسيسه، كما يتناول التهديدات الاقتصادية، ويرى أنه من غير الدقيق القول إن التكامل الاقتصادي بين دول مجلس التعاون قد أُنجز بالفعل، حتى في حده الأدنى، على الرغم من كل المشاريع المنفّذة والتي في طور التنفيذ بين دول المنظومة الخليجية. ويطرح الفصل أخيرًا سؤالًا عن كيفية مواجهة تهديدات اختلال التركيبة السكانية.
ويبحث علي الذهب في الفصل السابع تداعيات التدخل الإقليمي في حرب اليمن الدائرة منذ عام 2015 بين التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية والإمارات بصفته مستدعى من الحكومة اليمنية الشرعية المعترف بها دوليًّا، وبين إيران بوصفها الداعم الأبرز لميلشيات أنصار الله (الحوثيين) الذين سيطروا على السلطة بانقلاب مسلّح عام 2014 .ويركز الفصل على مناقشة دور اليمن في تعزيز أمن الإقليم ومكافحة التحديات التي تواجهه داخليًّا وخارجيًّا. كما يناقش أبعاد تدخّل الأطراف الإقليمية فيه ودوافعه، والأوزان الاستراتيجية لهذه الأطراف على الأرض، وحجم قواتها وطبيعته ومناطق تموضعها. ويخلص إلى أنّ الهدف الحقيقي من التدخلات الإقليمية في اليمن منذ عام 2015 ليس دعم الحكومة الشرعية بل الأطماع الجيوسياسية لهذه الأطراف في الإطلالة على البحر الأحمر وخليج عدن وبحر العرب. والاتجاه إلى تقسيم اليمن بين شمالٍ وجنوب تمهيدًا لتقسيم دول الجزيرة والخليج العربي على أسس طائفية وجغرافية.
أمّا حسن الحاج علي أحمد، فيناقش في الفصل الثامن التنافس الإقليمي في منطقة القرن الأفريقي ووادي النيل وتكريسه تهديدات أمنية تواجه المنطقة. ويطرح فرضية وجود عاملَين يحركان هذا التنافس الدولي والإقليمي: أوّلهما هشاشة حكومات المنطقة وضعفها، وثانيهما تأثير الأبعاد الجيوسياسية والأمنية فيها. ويحاجّ علي أحمد بأنّ التنافس الجديد على منطقة القرن الأفريقي يختلف عنه في أواخر القرن التاسع عشر في الطمع بالمياه والأرض والغذاء والسيطرة على الموانئ وطرق النقل، ويستعرض تطوّر السياسة الأمنية الأميركية لتحقيق ذلك، وتأثير الوجود العسكري الأوروبي في المنطقة، وآثار التمدد العسكري والتجاري الصيني، وأخيرًا تنافس تركيا والهند وروسيا وبعض دول الخليج في منطقة القرن الأفريقي والبحر الأحمر.
أمّا خليفة حداد، فيسلط في الفصل التاسع الضوء على التحديات الأمنية في ليبيا منذ ظهور الدولة الوطنية، ويحاجّ بأنه في الحقبتين الملكية والجماهيرية ظلّ دور القبيلة والعشيرة والطائفة، وهي المرجعيات التقليدية، في مصلحة النظام الحاكم مع ما بينها من تناقضات، ظلت كامنةً بفعل السطوة الأمنية للنظام وانتشار ثقافة الغنيمة، وطفت بقوة عند تهاوي النظام الليبي في عام 2011 وظهرت معها التشظيات المتعددة المسارات التي ضربت الهيئة الاجتماعية وفككتها، وحوّلت الجغرافيا الليبية إلى ميدان تقاتل. ويرى حداد أنّ استجابة دول الجوار المغاربي ظلت دون مستوى المخاطر المحدقة بليبيا؛ إذ غيَّبت الخلافات البينية وسياسة الانكفاء والحذر أيَّ مشروع إقليمي جامع لمجابهة ارتدادات الزلزال الليبي والمشاريعِ الإقليمية الهادفة إلى توجيه مخرجات الربيع العربي إلى مسارات الفوضى والحروب الأهلية وخلخلة ما بقي من مقومات الأمن القومي العربي.
وتبيِّن العنود آل خليفة في الفصل العاشر أنّ أمن الطاقة بات من التحديات الكبرى التي تواجه دول الخليج العربية، وبخاصة مع بروز مشاريع توليد الطاقة النووية في المنطقة. وتطرح للنقاش مسائل الحاجة الاستراتيجية لدول مجلس التعاون إلى تطوير برامج للطاقة النووية السلمية، ومدى تأثير برنامج إيران النووي وتهديداته في السياسة الخليجية النووية السلمية، وإجراءات الأمان النووي التي على دول مجلس التعاون تطبيقها من أجل برنامج نووي سلمي. وتشكّل هذه المسائل معًا السؤال الشامل: هل ستعزز برامج الطاقة النووية السلمية أمن الطاقة في دول مجلس التعاون؟ وتوزّعت الإجابة على أربعة محاور: مفهوم أمن الطاقة، وأمن الطاقة من منظور دول مجلس التعاون، وموقف دول المجلس من المشاريع النووية السلمية، ومخاطر هذه المشاريع.
أمّا منى الأشقر جبور ومحمود عارف جبور، فيبحثان في الفصل الحادي عشر ظهورَ أسلحة جديدة غيّرت الشكل التقليدي للصراعات بين الدول وأدخلت إليها لاعبين جددًا، أفرادًا ومنظماتٍ ومجموعاتٍ، بعد أن كانت مقتصرة على الدول، كما جعلت مرافق الدولة الحساسة عرضةً للمخاطر الأمنية، ما فرض أنواعًا جديدة من التحديات، كالحرب السيبرانية، والإرهاب السيبراني، والتجسس السيبراني، التي تشكل مخاطر ليس العالم العربي بمنأى عنها، إن لم يكن في قلبها، بفعل تطور استعمال تقنيات المعلومات والاتصالات. ويتطرق الباحثان إلى انعكاسات ما تقدَّم على الأمن الوطني والقومي العربي، وإلى الخطوات الضرورية للتصدي، عبر رسم استراتيجيات موحدة وسياسات واضحة على المستويَين الوطني والإقليمي، ووضع أطر لتعاونٍ وثيق وتنسيقٍ دائم وإنشاء هيئات متخصصة تتلاءم وطبيعة التحديات الأمنية الجديدة.