صدر عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات كتاب دراسات في مناهج البحث في علم الكلام الجديد، ويحتوي على عشر دراسات تتمحور جميعها حول موضوع علم الكلام الجديد ونقاط التقائه بعلم الكلام الأرسطي القديم وانفصاله عنه. وهي لتسعة علماء عرب من الجنسيات التونسية والعراقية والمغربية، متخصصين في مجالات الحضارة العربية والحضارة الإسلامية والآداب والأخلاقيات التطبيقية والفلسفة والفلسفة الإسلامية والدراسات المقارنة بين الأديان وعلم الكلام. قام بتحرير مادة الكتاب محمد بو هلال ومراد دياني، وهو يقع في 400 صفحة، شاملةً ببليوغرافيا وفهرسًا عامًّا.
إشكاليات نظرية وفلسفية
هل ثمة أزمة دين؟ وفي حال وُجدَتْ، أهي أزمة شعور ديني أم أزمة تأطير الديني مؤسساتيًّا وتشكيله ثقافيًّا؟
لا شك في الحاجة الدائمة إلى تجديد الخطاب الديني، لما يثيره التطور البشري من أسئلة جديدة وتحديات مستفزّة ينبغي اجتراحُ أجوبة عنها تكفل الارتباط بالواقع الحي والمتغير باستمرار والتعامل الإيجابي التفاعلي معه، وبخاصة في السياقَين العربي والإسلامي، ففيهما تكتسي هذه الحاجة أهميةً أكبر، وتواجه في الوقت نفسه ممانعةً أشدّ.
مع ذلك، فقد أنتج قرنان ونيّف من محاولات التجديد الديني في المجتمعات الإسلامية أعلامًا ونظريات ونتائج تُشكل مادة تاريخية قابلة للدراسة والتقييم، على الرغم من طابعها غير الشامل، وتَمَحْوُرها أساسًا حول شخصياتٍ ولحظات وتيارات تاريخية محددة، فخرجت دراساتٍ جزئيةً لا تفضي إلى رؤية عامة وتحقيب دقيق، إضافة إلى أن عدم تلقّي جمهور المتدينين التقليديين محاولات التجديد هذه بتفهم، وكل ذلك في موازاة ظهور أشكال جديدة من التدين في ظل نمط الحياة الذي فرضته الحداثة الأوروبية. وكلها تحولات شكّلت حائطَ صدٍّ في وجه أفكار المجددين في المجتمعات الإسلامية المعاصرة، وخصوصًا منها ما يتعلق بمعضلة التأسيس العقلاني للإيمان والفهم العلمي لظواهره، التي باتت تؤرق فلاسفةَ الدين وعلماءَ اللاهوت في الأديان كلها، استنادًا إلى النظرية الفلسفية القائلة بتَعَذّر استناد معرفتنا بالمطلق إلى حدوسٍ عقلية، فالدين عند فريدريك مولر مَلَكَةٌ تمنح الإنسانَ قدرةً على إدراك اللامتناهي.
الصراع بين المسلّمات والتجديد
من ناحية أخرى، واجه التجديد الديني - ولا يزال - تحديًا خاصًّا تمثَّل في اعتبار المتديّنين المسلمين الوفاءَ للدين ومساءلةَ إحدى من مسلّماته الموروثة تشكيكًا في المقدسات وتخريبًا للعقيدة، وهي نظرة لا تخلو من سوء تقدير لدور التجديد في استمرار حيوية الدين. ورغم ذلك، بدأ يظهر في المجتمعات العربية والإسلامية نمطُ تفكيرٍ ديني جديد، يبشّر بتجاوز الفكر الإصلاحي الحدودَ التي عجز عن تخطّيها في القرنين الماضيين، وذاع صيت أصحابه فتُرجمت أعمالهم إلى عدة لغات، وأصبحوا موضوعًا للدراسة الأكاديمية في جامعات ومراكز بحوث عربية وغير عربية. ومن بين أعمالهم التجديدية "علم الكلام الجديد"، وهو ليس تجديدًا لعلم الكلام القديم المستمد من آليات أرسطية قائمة على السجال والمحاجّة بقدر ما هو سعي نحو تأسيس كلام جديد بوصفه – كما يطرح أحد أعلامه - قطيعةً مع معظم كلاسيكيات الكلام القديم، ودعوةً إلى تخطي المنطق الأرسطي إلى المنطق والفلسفة الحديثَين، وإلى التحررِ من سطوة الطبيعيات والرؤية القديمة للعالَم وإيلاء قراءة النصوص هيرمينوطيقيًّا مكانةً مميزة، وبذلك يتفق "الكلام الجديد" مع فلسفة الدين في استخدام المناهج الحديثة وإن اختلفا في الغاية.
في الفصل الأول، يبحث عبد الجبار الرفاعي رأي بعض الباحثين في قُرب علم الكلام الجديد من حقل الإلهيات المسيحية، واحتلال مفهوم "الوحي" مكانة مركزية فيه، فيستهلّ كلامه باشتباك نقدي مع "الكلام القديم"، معتبرًا أن ما يهدمه من كيان الروح أكثر مما يبنيه، وأن المتكلمين ألغوا المسافة اللامتناهية بين الله والبشر، وأن آراء الأوائل منهم تُعبّر عن عقلانية زمانهم والنظام المعرفي في مرحلتهم ومعاييرهم في اكتشاف الحقيقة وتمييز الخطأ من الصواب، في حين يُبنى الكلام الجديد على الرأي القائل إنه "لا جوابَ أبديًّا للأسئلة الميتافيزيقية الكبرى" الذي يقطع مع الحلقة التكرارية لعلوم الإسلام منذ قرون. ويقتفي الرفاعي بعدها آثار أبرز المتكلمين ذوي النزوع الجديد في علم الكلام، ليخلص إلى أن معيار علم الكلام الجديد هو قول جديد في الوحي يُصنَّف على أساسه أيُّ مفكر بأنه "متكلم جديد"، وينبثق منه كلام جديد في مختلف مسائل علم الكلام القديم، وأبرزها مسألة "الكلام الإلهي".
في الفصل الثاني، يستعرض محمد بوهلال المحاولات الكلامية الرامية إلى تحقيق الانسجام بين التدين الإسلامي والاجتماع المعاصر، وآفاق تطورها المستقبلي، مستكشفًا الوضع الديني في المجتمعات المعاصرة بوصفه إطارًا يمنح الفكر الكلامي المشروعية. وبعد أن يتوقف بوهلال عند انهيار العلوم الدينية التقليدية وما يسميه "خوصصة التدين"، يَصِمُ الوضعية المعرفية للكلام الجديد بتداخل الوظائف وعدم توافر الشروط المطلوبة في العلوم الإنسانية والاجتماعية، وهو ما يبرر سلبية المواقف الأكاديمية منه في البلدان العربية والإسلامية. ثم يستعرض آفاقًا مستقبلية للكلام الجديد، تتضمن ضرورة تخليص الفكر الكلامي المعاصر من ضبابية اكتنفته منذ بواكيره الأولى وأفقدته شروط الخطاب العلمي، وإرساء مقدمات نظرية تؤسس معرفيًّا وإتيقيًّا لفروع كلامية ثلاثة هي الكلام النظري والكلام الديني والكلام السياسي الاجتماعي، ورَبْطها من جهة المنهج بما يناسبها من مناهج الساحة العلمية الكونية، ووَصْلها بما يُطرَق من مباحث فلسفة الدين واللاهوت العالمي، ووضعها في أفق استكمال المشروع الحداثي الذي شرعت نخب ما بعد الاستقلال في إنجازه.
يتوصل عبد الجبار الرفاعي في الفصل الثالث إلى إخفاق علم الكلام المتأخر في تمثّل روح الوحي، وبقائه أسيرَ الفهم التبسيطي للنصوص الدينية، وعجزه عن استبصار آفاقها وما يمكن أن تضيفه من دلالات تبعًا لما يستجدّ من مقتضيات عمران الإنسان والتحول في نظرته إلى العالم. ويعود الرفاعي في نشأة علم الكلام الجديد إلى فترة انصهاره الأول في بوتقة الإسلام التعددي الهندي ومؤسسيه أبرز مفكّري الإسلام، قبل أن ينتقل إلى إيران، ثم إلى العالم العربي. وميز الباحث خلال درسه الإسلام الهندي بين مدرستين: "مدرسة الإسلام التعددي" التي تسترشد برؤية محيي الدين ابن عربي في "تعدد الطرق إلى الله"، وعدم اختصاص النجاة بجماعة واحدة، و"المدرسة الأحادية"، التي لا تتقبل تنوّع المعتقدات بتنوّع الأديان أو تعدد التجارب الدينية، الشديدة الوفاء للرؤية الكلامية ولأحكام المدوّنة الفقهية.
ويتعقب الرفاعي اتجاه علمَ الكلام الجديد في المدرسة الأولى لمؤسسيها ولي الله الدهلوي وأحمد خان ومحمد إقبال وفضل الرحمن، وهو اتجاه كان في رأيه الأقلَّ حضورًا في المجال العربي؛ لأن نمط التديّن السلفي ومنهجه الحرفي في تفسير القرآن لا يستسيغ منطق التفكير العقلاني المركب في فهم الدين. ويختم بنتائج الوصل بين الإسلامَين الهندي والإيراني، وهي استقاء روّاد التفكير الديني في إيران منه، وخصوصًا عبد الكريم سروش ومحمد مجتهد شبستري.
في الفصل الرابع، يعكف علي الصالح مُولى على التداخل والتخارج بين علمَي الكلام القديم والجديد واستكناه آفاق تمايز الكلام الجديد وإمكاناته، فيعود إلى علم الكلام القديم لمحاولة استيضاح المحاميل الدلالية لتسمية "علم الكلام الجديد"، وما يساهم المسمى الجديد به من إنتاج معرفة في الدين تناسب زمانها ومكانها، وهو بحر اقتحم "الكلاميون الجدد" لجّته ولا تزال أمامه سنين مديدة من العمل. ويصل مولى إلى نتيجة مفادها أن من الشطط استصدار أحكام باتّة في مشاريع كبرى تستهدف تغييرًا استراتيجيًّا للنظم الاجتماعية والأخلاقية والسياسية والتربوية.
في الفصل الخامس، تدرس إيمان المخينيني وتحلِّل المقاربة الكلامية التأويلية، لما لروّادها من مواقف لافتة بخصوص المنهج (عبّرت عنه بلفظة "الميتامنهج")، وتطرح للبحث "أفق ما وراء حدود المنهج"، فهو يُشغل الباحث/ المؤوّل بالموضوع ذاته ويجعله يصغي إلى النص مباشرةً من دون تسليط نتائج المناهج عليه. وبعد أن تعرض أشكال المنهج في العلوم الإنسانية بوصفها إطارًا يضم علم الكلام، تنتقل إلى دراسة ما يدلّ على خصوصية المقاربة الهيرمينوطيقية للمسألة المنهجية، لتخوض في قضية انفتاح الحقيقة الوحيانية، وتتقصّى دلالة النقلة من الأفق المنهجي إلى الميتامنهجي معرفيًّا، والميتامذهبي عَقديًّا. وتطرح سؤالين جوهريَّين هما: هل من رهانات الخطاب الكلامي الإسلامي اليوم بناء أنساق معرفية مغلقة لا تُقرّ لغير مخرجاتها بالمشروعية التأويلية العقدية؟ أيتعذّر مطلب التجديد الكلامي المعاصر في غير اعتماد منهج يكون فرضيًّا بدئيًّا وتؤسَّس عليه الطروحات اللاحقة، أم أن أفقًا آخر للمعنى ينبغي لمريدي التجديد الكلامي التفطن إليه والالتحاق به؟ وتجيب بأن إثارة قضية المنهج على نحو تقريري تعكس محدودية الوعي بإشكالية مفهوم النسق المغلق، وأن طائفةً من المتكلمين الجدد بالإشكالية المنهجية فلسفيًّا تبنّت الموقف الهيرمينوطيقي الوجودي في أفقٍ متخارج عن نظام النسق ومتجاوزٍ بُناه. وتُبرز المخينيني ارتكاز الطرح الكلامي الإسلامي الجديد على مبدأ انفتاح الحقيقة الإنسانية والدينية وانسجام ذلك مع "تجاوز الطرح المنهجي" إلى "الميتامنهج"، لتخلص إلى أن سيولة المعرفة الكلامية تستحيل "كشفية - إشراقية" بدءًا من كونها "منطقية استدلالية".
ينقلنا فتحي إنقزّو في الفصل السادس إلى القول بـ "المنازلة الأبدية" بين الفلسفة والدين، اللذَين رمز إليهما بـ "العقل والكتاب"، و"الفلاسفة والأنبياء"، و"قبلة العقل وقبلة الوحي"، و"أثينا والقدس"، مجسِّدًا لها بـ "المناظرة" بين إدموند هوسرل وليف شستوف. ويرى أن شستوف لم يَرضَ بقِبلةٍ غير العقل، وبقيت ثقته بأثينا هي الثقة بأوروبا ومستقبلها، في حين لم يتخلَّ هوسرل عن رسالة أنبياء بني إسرائيل، وعن القدس وأرض فلسطين، التي فكّر في الرجوع إليها. وبعد عرضٍ لمناظرتَي الفيلسوفين ولقاءاتهما وحواراتهما، ثم النقل التأويلي لهما إلى أفق الفينومينولوجيا الهوسرلية "الفلسفية الدينية"، يخلص إنقزّو إلى أن كلًّا منهما كانت "أرضَ ميعاد" لصاحبها.
في الفصل السابع، ينقل شفيق اكريكر سؤال القول في الوحي إلى داخل "غار حراء"، حيث يَجري حوارٌ افتراضي بين مستشرقَين، أحدهما المؤمن الإسكتلندي القس وليام مونتغمري واط، وثانيهما الملحد الفرنسي مكسيم رودنسون، في صورة مجازية تثير إشكالات منهجية جوهرية بشأن "الوحي" وأغوار نفس النبي: أيتعيّن تفسير الوحي أم فهمه؟ أكان الوحي تجربة أم واقعة؟ أيُفهم بأنه خبرة ذاتية تعاش داخليًّا وفرديًّا كما يفهمها وليام جيمس، أم واقعة موضوعية قابلة للمعاينة من طرف ثالث كما يفهمها إميل دوركهايم؟ وهل يمكن أن يصير الألوهي موضوعًا للعلم بمعناه الحديث؟ أفي إمكان العلوم الاجتماعية أن توفي البعدَ الديني في الإسلام حقه أم أنها لا محالة تختزل الديني في ما ليس دينيًّا، كالمجتمع والثقافة؟
وفي ثنايا الحوار، يدرس اكريكر طريقة تناول واط ورودنسون الوحي في عملين رئيسين لهما يبرزان تحديات تجربة الوحي الإبستيمولوجية والمنهجية على الدرس العلمي، إضافة إلى الازدواجية التي أشار إليها هشام جعيط بشأن ارتفاع مقام النبي محمد إلى درجة أن اختلق له المسلمون معجزات لا ينفك القرآن ينفيها ويؤكد بشريته، وأخيرًا إلى المقاربة الاستشراقية لظاهرة الوحي "الإنسانية" في المقام الأول، وما يعنيه ذلك من ضعف وشكّ ومعاناة وخوف وانكسار ويأس وفقدان صبر وصراع فكري ونفسي لدى الإنسان الملموس لا الإنسان المؤسطَر.
وفي الفصل الثامن، يخص حسين دباغ بالدرس أبرزَ المجددين الدينيين والممثلين البارزين لتيار الفكرانية الدينية بعد الثورة الإسلامية الإيرانية، وهو عبد الكريم سروش، صاحب "نظرية القبض والبسط" في المعرفة الدينية. وبعد أن يعرض دباغ نظرية سروش الهيرمينوطيقية - الإبستيمولوجية عن الدين ويُبرز فرضياتها (في مقدمها فرضية اختلاف "الدين" عن "المعرفة الدينية") ومبادئها (من أهمها "مبدأ الاتساق والتوافق" القاضي بوجود حوار دائم بين المعرفة الدينية والمعارف غير الدينية، و"مبدأ التطور" القاضي بتطور تاريخي للمعرفة البشرية غير الدينية)، يناقش دباغ الأبعاد الإبستيمولوجية لتطور المعرفة الدينية، تمهيدًا لمفهوم التعرف إلى الخطأ في الدين، وهو الأمر الحاسم في فهم المشروع الإصلاحي لسروش.
في الفصل التاسع، يتناول محمد بن يوسف إدريس بالدرس النزعة الإنسانية للدين في علم الكلام الجديد، وأيضًا من خلال نموذج عبد الكريم سروش، وهو في رأي إدريس "لوثر الإسلام". ويعتبر إدريس أن تجديد الفكر الديني يجدِّد النظرة إلى الحياة والعالم، ويسمح بتجاوز التعارض الذي كرّسه الفكر الديني التقليدي بين الأبدي والزمني، والذي يرى سروش - وفقًا لإدريس – أنه (أي التجاوز) يكون بإعادة دراسة مختلف أشكال الظاهرة الدينية ضمن السياقات الثقافية والتاريخية، والتفريق بين الدين والمعرفة الدينية، والذاتي/ الجوهري والعَرضي في الدين، والمعرفة الدينية والحقيقة، والمقدس والدنيوي. ويخلص إدريس إلى أن جديد المنزع التجديدي لسروش هو في جعل علم الكلام الوجه الآخر لفلسفة الدين، واعتماد قراءة تاريخية نقدية لتفكيك بنية الفكر الديني وإعادة تركيبها لكي تعكس الظاهرة الدينية جوهر الدين ومنزلة الإنسان فيه، وأن المثُل والأخلاق التي يقوم عليها الدين لا تتحول إلى ممارسة اجتماعية إلّا في ظل وجود الحرية والتعددية الدينية؛ وأن من شأن الإقرار بالتعددية أن يخلّص الدين من النزعة التسلّطية.
في الفصل العاشر، يخص إقبال خلف الله مسألة "الإيمان" في علم الكلام الجديد بالدرس والتحليل. مبرزًا التحولات المنهجية لعلم الكلام الجديد من خلال نقد مناهج الكلام القديم وأدواته في فهم القضايا الدينية، فضلًا عن النظرة الجديدة إلى الإنسان المبنيّة على الحرية وعلوية منزلة الفرد في المجتمعات المعاصرة، مع تناوُل قضية الإيمان بوصفها حاجة روحية عميقة بعيدة عن المأسسة. ويركز خلف الله على مقاربة سروش قضيةَ الإيمان وفق ما يمكن تسميته "المنهج التجريبي الديني"، الذي يُبنى أساسًا على التجربة الدينية والحدس الفردي مدخلًا لفهم الدين والإيمان. ويبرز أن سروش، خلال محاولته تفهّم معنى الإيمان في العصر الحديث، انتصر لما يُسميه الإيمان التجريبي المستمدّ من العرفان. ويخلص خلف الله إلى أن الإيمان في الكلام الجديد تحوّل من المجردات إلى الواقعية، ومن الجدل إلى الحوار، ومن التقليد إلى التجربة الروحية، وأن قراءاتٍ غايتُها التجديد الديني عن طريق التجريبية الدينية لدى سروش تُمثّل منطلقًا حقيقيًّا في تشكيل فكر ديني إسلامي معاصر من منظور إنساني مقارن، بحثًا عمّا يُغني وجودنا أو يُثري التنوع الإنساني إزاء رؤيته الكونية للقيم الإنسانية.