اهتم الباحثون في الجامعات المشرقية بالفترة العثمانية باعتبارها جزءًا من تاريخ بلدانهم بحكم خضوع هذه البلدان للسيطرة العثمانية مدةً ناهزت أربعة قرون، في وقت انشغل فيه المغاربة بالتاريخ الوطني في مختلف حقبه التاريخية، وذلك لتأرجح الحضور العثماني فيها بين الحكم المباشر و"الاستقلال الذاتي". وتجاهل المؤرخون، إلى حد بعيد، تاريخ الحضور العثماني، ولم يُثر هذا الحضور إلا على نحو هامشي، أو في إطار استحضار بطولات محلّية. لقد كان الموضوع الذي استرعى انتباه الباحثين هو العلاقات المغربية - العثمانية، وكان هذا الموضوع مشرقيًّا وأوروبيًّا بامتياز في سبعينيات القرن العشرين، لكنه غدا موضوعًا مثيرًا للاهتمام في أوساط الباحثين، وكان فاتحةَ اهتمامٍ مغربي بحقل الدراسات العثمانية، لا سيما بعد إحداث وحدة المغرب والعالم العربي الإسلامي 1500-1900، وهي وحدة للتكوين والبحث، في جامعة محمد الخامس. تحاول هذه الورقة رصد المراحل التي تمأسس فيها هذا الحقل الجديد، والتعريف بمختلف الأبحاث التي أُنجزت في إطاره، في الدراسات العثمانية والإيرانية، على مستويات عدة. وتحاول أيضًا أن تقف على الجدوى من البحث في الدراسات العثمانية والإيرانية.