تنطلق الدراسة من نظرة عامة للكيفية التي صار بها التشخيص الطبي وسيلةً من وسائل "تطبيب المجتمع"، ثم عبر تطور الطب الحيوي في شكل أدوية، وانتقال المجتمع في العقود الأخيرة إلى مرحلة "الصيدلة". وقد صارت هذه الأدوية على نحو أو آخر المبرر الوحيد لبقاء عدد كبير من الأفراد في المجتمع أحرارًا، وحتى يحافظوا على وجودهم الاجتماعي، ومن دونها يكونون فاقدين لـ "مواطنتهم الصيدلية". يحاول البحث الميداني المنجز في مشفيي وجدة وتطوان للأمراض النفسية والعقلية، عبر الملاحظة بالمشاركة أو المقابلات، أن يُبيّن كيفية أن المرضى وعائلاتهم يتلاعبون عن عقلانية موازية للعقلانية الطبية في خصوص الوصفات الطبية، الشيء الذي يجعلهم يتلاعبون بالأدوية ويستخدمونها لخدمة مصالحهم المختلفة، من دون أن يعطّلوا الوصفة الطبية كلّيًا، وذلك من أجل ضمان الإبقاء على المواطنة الصيدلية للفرد المريض، وبذلك يجعلون الطب الحيوي طبًّا شعبيًا.