هذا بحث في المشروعية أو في مداها؛ بحث في مشروعية دراسة فلسفة جان جاك روسّو ونظرية الاعتراف، على الصعيد الفلسفي وعلى الصعيد العربي. فهو من جهة أولى، بحث في مشروعية دراسة نظرية الاعتراف وارتباطها بنظرية العدالة، في تلك الفلسفة؛ وهو من جهة ثانية، بحث في مشروعية دراستها عربيًا. ونعني بالمشروعية، في هذا السياق، وجود مسوّغات فكرية أو واقعية، نظرية أو عملية، معقولة ومقبولة، جزئيًا ونسبيًا على الأقل، تُظهر إمكانية القيام بدراسة ما وضرورة القيام بهذه الدراسة. وتتمثّل هذه المسوّغات عمومًا في الجِدّة التي تتضمّنها الدراسة، وفي الفائدة التي تسعى إلى تقديمها، وفي مدى تناسبها مع القارئ المستهدف وواقعه. وبالنسبة إلى المشروعية الأولى، سيكون السؤال الذي سنتناوله هو: ما مدى مشروعية دراسة نظرية الاعتراف عند روسّو، ومشروعية القول إن هذه النظرية هي النظرية التأسيسية الرائدة في تاريخ فلسفة الاعتراف؟ وبالنسبة إلى المشروعية الثانية، فإنها ستتّخذ شكل الراهنية، إذ سيكون السؤال المطروح بهذا الخصوص هو: ما هي راهنية فلسفة روسّو عمومًا، ونظريتي الاعتراف والعدالة لديه خصوصًا، بالنسبة إلى الواقع والقارئ العربيين؟ وبخصوص سؤالَ المشروعية، يتبنى البحث أطروحة مفادها تأكيد وجود هاتين المشروعيتين. وعلى هذا الأساس، ينقسم بحثنا إلى قسمين أساسيين: يناقش القسم الأوّل علاقة روسّو بفلسفة الاعتراف، في حين يوضّح القسم الثاني مدى حضور فلسفة روسّو في الفكر العربي الحديث والمعاصر، ومدى أهمّية هذا الحضور وضرورته، بالنسبة إلى القارئ والواقع العربيين.