نعيش اليوم زمن العودة إلى الحدث، والعودة إلى البيوغرافيا، والعودة إلى السرد؛ فهذه الأنماط الثلاثة أثبتت شرعيتها من جديد، ووجدت مكانتها في الكتابات التاريخية حاليًا، إذ في ظلّ التحوّلات الجديدة يجري التركيز على مواضيع اليومي المعيش، وعلى التجارب كما واجهها معايشو الحدث، وذلك من خلال توضيح دور الأفراد مع الأخذ في الحسبان السياقات والسلاسل ذات الصلة.
إنّ الرغبة في الفهم والمعرفة هي التي دفعت المؤرخين إلى اقتحام التاريخ القريب، على الرغم ممّا يطرحه من إشكالات وحساسيات مفرطة للدولة والجماعات والأفراد. ويأتي هذا الاهتمام أيضًا في سياق ردات الأفعال التي استجابت للنقاشات تجاه أزمة الشك والريبة التي عرفها معنى التاريخ في مرحلة السبعينيات والثمانينيات من القرن العشرين، فحاولت إعادة الحيوية والنشاط إلى حقل البحث التاريخي.
في هذا الإطار تأتي هذه الدراسة لتجيب عن عددٍ من الأسئلة: ما هي سياقات بروز تاريخ الزمن الراهن؟ وما هي مظاهر الانتعاشة الكبرى لهذا النوع من التاريخ؟ وما هي الرهانات التي يطرحها على المؤرخين؟