يعالج كتاب إشكالية الدولة في تاريخ الحركة الوطنية الجزائرية للكاتب الجزائري نور الدين ثنيو، موضوع الدولة وإشكالياته في خطاب الحركة الوطنية الجزائرية منذ عام 1912، أي مع بداية فرض التجنيد العسكري على الجزائريين في الجيش الفرنسي، وحتى عام 1954، أي مع اندلاع الثورة الجزائرية.
ويقع الكتاب الصادر عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات في 639 صفحة من القطع الكبير، ويضم أربعة أقسام، احتوى كل قسم أربعة فصول. يتناول القسم الأول وعنوانه "الشبّان الجزائريون وفكرة الدولة الحديثة" حركة "الشبان الجزائريين" أول تنظيم سياسي في تاريخ الجزائر الحديث، استطاع أن يكشف من خلال آراء أعضائه ومواقفهم عن تطلع بعض الجزائريين إلى الحداثة السياسية بكل ما للكلمة من أبعاد ومعانٍ.
وفي القسم الثاني "النجم وحزب الشعب وحركة الانتصار: مشروع الدولة الوطنية" يعرض المؤلف لثاني تنظيم سياسي واجتماعي ظهر خلال الفترة المدروسة في البحث، وهو تنظيم "نجم شمال أفريقيا"، والذي عبّر عن النزعة الوطنية الاستقلالية، وكذلك يعرض لحزب الشعب الجزائري، وبداية توظيف النزعة المصالية (نسبة إلى مصالي الحاج).
وخصّص القسم الثالث "الحركة الإصلاحية واستعادة مقوّمات الأمّة الجزائرية" للحديث عن الحركة الإصلاحية الجزائرية ممثّلة بجمعية العلماء المسلمين ونصيبها في استعادة مقومات الأمّة الجزائرية، في سياق الحركة الإصلاحية العربية العامة، وتناول القسم الإصلاح الديني الحديث في تجربة "العلماء المسلمين"، وتناول أيضًا المدلول السياسي لتجربة العلماء.
وفي القسم الرابع والأخير من هذا البحث "البيان والاتحاد الديمقراطي: نشأة الجمهورية الجزائرية" عرض المؤلف لأهم تشكيلة سياسية خبَرت فكرة الدولة من داخل الثقافة الفرنسية ومؤسساتها في الجزائر، وقد خصّص الفصل الأول من هذا القسم لدراسة الفكر السياسي عند فرحات عباس واجتهاداته بشأن مفهوم الجزائر وموقفه من مسألة فصل الدين عن الدولة، وفي الفصل الثاني يتناول المؤلف "بيان الشعب الجزائري"، والذي حرّره فرحات عباس أثناء الحرب العالمية الثانية، وتبناه الاتحاد الديمقراطي للبيان والحرية، وفي الفصل الثالث يعرض المؤلف المداخلات التي تقدّمت النخبة أمام مجلس الإصلاحات التي أقرّتها اللجنة الفرنسية للتحرر الوطني عام 1943، وفي الفصل الأخير من الكتاب يتناول المؤلف مشروع البيان والحرية وتأسيس فكرة الجمهورية الجزائرية، وجرى لهذا الغرض صوغ مشروع دستور الجمهورية الجزائرية عام 1947.
ويخلص البحث إلى أنّ الحركة الوطنية الجزائرية واجهت السلطات الاستعمارية الفرنسية من داخل مؤسساتها، وصاغت مطالباها بلغتها، أي بالفرنسية، بينما صاغت الحركة الإصلاحية الدينية خطابها بالعربية، الأمر الذي يتيح القول إنّ الخطاب السياسي للحركة الوطنية بتشديده على فكرة الدولة، ينتمي إلى عصر الحداثة، خصوصًا أنّ نقد الخطاب الاستعماري كان مقدمة لتفكيك الوجود الفرنسي في الجزائر، والبحث عن بديل سياسي واجتماعي وثقافي منه.
نور الدين ثنيو كاتب وأكاديمي جزائري حائز الدكتوراه في التاريخ المعاصر، يعمل محاضرًا في كلية الآداب والعلوم الإنسانية في جامعة الأمير عبد القادر الجزائري في مدينة قسنطينة، وأستاذًا لتقنيات التصنيف والفهرسة في جامعة منتوري الجزائرية، وهو، إلى ذلك، رئيس لجنة التربية في جامعة الأمير عبد القادر، ورئيس فرقة تكوين تاريخ الجزائر. كتب بحوثًا علمية في ميادين معرفية متنوعة نشرت في مجلات معروفة في بيروت ودمشق وعمان والرباط والقاهرة.