لقد بدّدت الموجة الديمقراطيّة، حتّى الآن، سلميّةً كانت أم عنيفة، الكثير من الأوهام المنتشرة في الغرب وخصوصًا في أوروبا. من بين تلك الأوهام الوهم القائل بما يُسمّى بـ "الاستثناء العربيّ"؛ أي أنّ العرب غير معنيّين بالديمقراطيّة، ولا يكترثون بوجودها في حياتهم أو عدمه، فهم أصلًا غير مستعدّين لها. أمّا الوهم الثاني الذي تقوّض فهو وهم دكتاتورنا الجيّد"، الذي يقوم على الزعم بأنّ الدكتاتوريّين الموالين للغرب يمثّلون رهانات أفضل ممّا يمثّله البديل الإسلاميّ. أما الوهم الثالث فيتمثل في أنّ العالم العربيّ نفسه وهمٌ، وأنّ جاذبيّة الهويّة العربيّة المجتازة للحدود قد تلاشت. غير أنّ الثورات العربيّة برهنت على أنّ هذا الوهم خاطئ. فلم يكن من باب الصدفة أن تجتاح موجة التغيير عددًا من الدول العربيّة في آنٍ واحد، بالطريقة نفسها وبالشّعارات نفسها تقريبًا، تُهتَف باللّغة العربيّة نفسها، وتتمكن في فترةٍ وجيزةٍ جدًا من إسقاط أربعة أنظمة. الثورات العربية التي أخذت الأوساط الأكاديمية على حين غرة، جعلت بعضهم يقول إنّ فهم مستقبل سياسات الشرق الأوسط يجعل الأكاديميّين بحاجة إلى تقويمٍ جديٍّ للأهمّية المستعادة للهويّة العربية .